[img]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][/img]
حملة ضغوط على الاتحاد الأوروبي انتهت بتحييد موقفه من القدس.. تمرير مشروع قانون في الكنيست يُصعب الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.. إعلان تجميد جزئي ومؤقت للاستيطان لإحراج الفلسطينيين..
تلك بعض من أسلحة الاحتلال الإسرائيلي في حرب دبلوماسية شرسة لابتلاع مدينة القدس الشرقية المحتلة التي يقضمها الاستيطان يوما بعد آخر، بينما العرب "في غيبوبة عميقة"، بحسب خبراء فلسطينيين طالبوا العرب بالتحرك سريعا للحصول على اعتراف من مجلس الأمن الدولي بحدود 1967 كحدود للدولة الفلسطينية، كي يتم بعدها المطالبة بالأرض.
ففي الأسبوع الماضي أعلنت السويد، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، عن مشروع قرار لطرحه على اجتماع وزراء خارجية الاتحاد يعترف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المقبلة وبالغربية عاصمة لإسرائيل، وتعتبر إسرائيل القدس عاصمة موحدة وأبدية لها منذ أن احتلت الشرقية عام 67، في خطوة لا يعترف بها مجلس الأمن، ويعتبر كل ما ترتب عليها غير شرعي.
وعلى الفور دارت عجلة الضغوط الدبلوماسية الإسرائيلية على دول الاتحاد، وعلى الولايات المتحدة التي لم تخيب رغبة حليفتها الوثيقة، فأجرى المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جورج ميتشل اتصالا هاتفيا بوزير الخارجية السويدي كارل بيليت، دعاه خلاله إلى التخفيف من مشروع القرار، بحسب ما كشفت عنه صحف إسرائيلية.
وانتهت هذه الحرب الدبلوماسية الإسرائيلية بتراجع الاتحاد، حيث اكتفي بالقول في البيان الختامي لاجتماع وزراء خارجيته في بروكسل الثلاثاء 8-12-2009، إن القدس يجب أن تصبح "عاصمة مستقبلية لدولتين" (فلسطين وإسرائيل)، وإن الوضع النهائي للمدينة يجب أن يتم الاتفاق بشأنه عبر التفاوض.
وأضاف البيان: "إذا أردنا تحقيق سلام حقيقي فيجب إيجاد طريقة من خلال المفاوضات لحل قضية وضع القدس وجعلها عاصمة مستقبلية لإسرائيل والدولة الفلسطينية"، مشيرا إلى أن "الاتحاد الأوروبي لم يعترف أبدا بضم إسرائيل للقدس الشرقية".
ضمن هذه الحرب الدبلوماسية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء 16-11-2009 عن تجميد الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة لمدة عشرة أشهر، باستثناء القدس الشرقية.
وتستغل إسرائيل هذا الإعلان عن "التجميد الجزئي المؤقت" في تحركاتها الدبلوماسية لإلقاء اللوم في عدم استئناف محادثات السلام على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يشترط وقفا تاما للاستيطان قبل التوجه إلى طاولة المفاوضات.
ويصب في اتجاه الضغوط الإسرائيلية على الفلسطينيين والسوريين للعودة بسرعة إلى المفاوضات، إقرار الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) الأربعاء 9-12-2009 مشروع قانون يقضي بأن أي اتفاق على انسحاب إسرائيل من القدس الشرقية وهضبة الجولان السورية يحتاج أولا إلى موافقة أكثر من نصف أعضاء الكنيست، وفي حالة موافقتهم على الاتفاق يطرح في استفتاء عام في غضون 80 يوما قبل المصادقة عليه، ويدعو الكثيرون داخل إسرائيل دمشق ورام الله إلى اغتنام الفرصة قبل المصادقة على هذا القرار بالعودة سريعا إلى المفاوضات المتوقفة منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة ما بين السابع والعشرين من ديسمبر والثامن عشر من يناير الماضيين.
إلى مجلس الأمن
مقابل هذه الحرب الدبلوماسية الإسرائيلية الشرسة يستنكر خبراء ومحللون سياسيون فلسطينيون ما يعتبرونها "غيبوبة عربية"، داعين العواصم العربية والإسلامية إلى التوجه بسرعة إلى مجلس الأمن للحصول على اعتراف بحدود 67 كحدود للدولة الفلسطينية المستقبلية.
فردا على سؤال حول كون العرب لديهم الإمكانيات لانتزاع اعتراف دولي بهذه الحدود، قال نائل طه، أستاذ القانون في جامعة النجاح الوطنية بنابلس: "بتقديري لدى العرب القدرة على الضغط من أجل انتزاع مثل هذا الاعتراف للمحافظة على القدس الشرقية من الضياع والتهويد المتواصل".
ورأى طه، الذي اعترف بـ"ضعف عربي يصل حد الغيبوبة العميقة"، أن "العرب قادرون على اتخاذ موقف مُوحد، وثمة جوانب كثيرة تتيح لهم مواجهة الحرب الدبلوماسية الإسرائيلية، ومنها الضغط في الجانب الاقتصادي والسياسي وحتى الإعلامي".
غير أنه شدد على "ضرورة أن يواجه الترهل العربي بموقف فلسطيني موحد، وأن تغيب ميوعة القرار الفلسطيني الناجم عن الانقسام (بين حركتي فتح وحماس)"، مضيفا: "لنتوجه برؤية موّحدة تنطلق من قاعدة القرار الفلسطيني الوطني الواحد، وليتم بعدها إرسال مذكرة للعواصم العربية ليتم طرح هذا المشروع أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة وانتزاع الاعتراف المأمول وفقا لما تمليه قرارات الشرعية الدولية".
أين العرب؟!
ومواجهةً للتحركات الإسرائيلية، بدأ وزير خارجية حكومة رام الله رياض المالكي جولة أوروبية تهدف إلى حشد الدعم لجهود السلطة الفلسطينية الرامية إلى الحصول على اعتراف من مجلس الأمن الدولي بحدود الدولة الفلسطينية، وتقود هذه الجولة المالكي إلى البرتغال وفرنسا وإسبانيا.
وبنبراتٍ لم تخل من التشاؤم إزاء الموقف العربي، شدد المحلل السياسي الفلسطيني وليد المدلل، على أن "مبادرة الفلسطينيين لانتزاع اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية تحتاج إلى دعم عربي وموقف فاعل".
واستدرك قائلا: "للأسف.. أين العرب من القدس حتى نتحدث عن إجماع وتأييد وانتزاع مواقف؟!.. صندوق دعم القدس لا يوجد فيه أي قرش.. كل مشاريع الاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي في القدس لم يعد هناك حتى بيانات عربية خجولة تدينها".
تهويد متواصل
غير أن المدلل، وأمام هذا العجز، يرى أن "العرب مطالبون بتحرك لمنع ابتلاع القدس وضياعها، فلا يجوز أن تتحرك إسرائيل، وبكل جدّية، لمنع أي اعتراف دولي أو غربي بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، ولا يكون هناك أي تحرك عربي دبلوماسي مضاد".
وشدد على ضرورة "استثمار العرب لكل إمكانياتهم وقدراتهم، فلا يجب فقط الاكتفاء بالترحيب أو التنديد، فإسرائيل مررت عبر الكنيست مشروع قانون لإجراء استفتاء على أي انسحاب من القدس المحتلة، فأين العرب؟".
وإلى أن تفيق العواصم العربية من "الغيبوبة العميقة" تبقى التحذيرات متواصلة من ضياع القدس، ففي أحدث نداءاتها قالت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث": إن الاحتلال الإسرائيلي طوّق المسجد الأقصى المبارك من جميع الجهات بحزام من الأنفاق والاستيطان.
ولا يكاد يمر يوم دون أن تتحدث الأرقام عن مصادرة أراضٍ ومنازل وتهجير سكان عرب من قلب مدينتهم المحتلة؛ بغية تغيير التركيبة الديموغرافية لصالح اليهود، استعدادا ليوم تُطرح فيه القدس على طاولة المفاوضات.